Poems

يوميات حلب

(1)

الكتابة ألم.

 
والدم الذي ينقط على الشاشة يلوث المشهد ويترك على الكنبة مايشبه بقع القهوة الجافة نلمسها بأصابع مرتجفة كي لا تنتقل الينا العدوى
 
نستند بظهور مكسورة كأننا ذاهبون الى الجحيم بعيون مغبشة بالاحمر الداكن.. لكنه بنيٌّ أيضاً ويترك على الروح مايشبه الصدأ
 
نمسح على الرؤوس الهرمة ونهرب من لفظها ثم نلعق الملح الذي يسيل من العيون.
 
الذين يزحفون من طرف الشارع الى طرف الشاشة يتركون على الاسفلت أثراً أخضراً سرعان ما يكبر مثل سياج من الحبق،  يرموننا بوردة ويموتون على عجل كي لانخجل منا

... اخلعْ نعليك الآن وامشِ على قطع الزجاج.. إنك في الوادي المقدس.

(2)

"رفاق القراءة نائمون.

تتجول وحيداً بين رفوف المكتبة

دون إشارات تدل على المخرج.
الأنين على اليمين من الرف الثالث
فصل كامل مطرود من الرواية،
والضحك عنوان مأساوي
لكتاب في الفلسفة.
تسيل السياسة كالمخاط من رف لآخر
لا وقت للملاحم
لكتاب الإمتاع والمؤانسة
حيث ماتشادو يدفع الغلاف المقوى برفق
كي لاتسقط الصحون
..
نحن أشبه ما نكون بمسودات الكتب
مليئين بالمقاطع التي تحتاج الى تنقيح"

(3)

على شرفة البيت أجلس، حلب أمامي سوداء وموحشة، قرقعة صحون في العتمة تعني ان ثمة حياة تحدث على طاولة. لا نأمة سوى رشقات رصاص متقطعة من مكان ما وقذيفة واحدة يسبقها صفير غريب... ثمة من يترك الان هذا الكوكب بحلق جاف.

حلب أمامي سوداء وساكنة، الظلال العملاقة هذه ربما لأشجار ربما لغيلان قادمة من حكايات بعيدة في الطفولة ربما هو بخار اسود تنفثنه الآن نساء ينتظرن اولاداً صاروا أرقاماً في نشرة الاخبار
حلب.. لا نقرة عود.. لا قدٌ يميس.. لا كأس في "العندليب"* .. لا ندامى .. ولاغناء
..
..
واحداً فواحداً
يستيقظون،
 
وحوش العتمة
 
(4)
 
 مارينا شحوارو
 
 أنا مارينا قسطنطين
أرملة الخوري جورج شحوارو
ورفيقة مارسيل في الطريق - متأخرين- الى البيت
المزودة بأسرار الكنيسة المقدسة
وحبات الكرز في قعر كأس العنبرية
المشغولة بالضحك في الخمسين
وعقصات الشعر الضائعة في الجوارير
..
..
أنا مارينا
العائدة من الكارلتون
حيث الحياة تتشبث في الموسيقى
وتتصلب كشجرة الصمغ
 
على راحتي 
أرش الملح
وأنا أعلم ان المائدة لن تفسد
وأغمس إصبعي في النبيذ ليفرح القلب
..
..
أنا مارينا
التي شمت في المنعطف الخطأ
رائحة الخوف تنز من القبضات العرقانة
وتخترق الهواء كمعدن رصاصي
قبل أن تغيب القلعة في قبعة الساحر
..
..
أنا مارينا
التي لم تعلم أنها ماتت
الا حينما أصغت مع الآلاف الذين يرتدون الابيض ويلوحون بالورد
الى صوت الكاهن في كنيسة النبي الياس :
يا أحبائي
لنردد جميعا بين يدي الرب
وبقلب خاشع
لراحة نفس ابنتنا.. حاملة الإكليل الى الذي في السموات......
........
........
الفااااااااتحة.